أ-التَّعريف بالإمام نافع
هو: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي بالولاء المدني، أحد القرّاء السبعة المشهورين.
كان أسود شديد السواد، صبيح الوجه، حسن الخلق، فيه دعابة، أصله من أصبهان، اشتهر في المدينة، وانتهت إليه رئاسة القراءة فيها وأقرأ النّاس نيّفا وسبعين سنة وتوفي بها.
ولد في خلافة عبد الملك بن مروان سنة بضع وسبعين، وجوّد كتاب الله على عدّة من التابعين، قال موسى بن طارق: سمعته يقول ــ أي: نافع ــ := قرأت على سبعين من التابعين+.
قال مالك:=نافع إمام النّاس في القراءة، وقال سعيد بن منصور: سمعت مالكا يقول: قراءة نافع سنّة+ ( ).
وقال الليث بن سعد: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة، وإمام النّاس في القراءة بالمدينة نافع بن أبي نعيم وقال ــ أيضاــ : =أدركت أهل المدينة، وهم يقولون: قراءة نافع سنّة، وعن الأصمعي قال: جالست نافع بن أبي نعيم وكان من القرّاء، الفقهاء، العبّاد+( ).
قلت:
ومما يدلّ على جلالة قدره، وتفوّقه في هذا الشأن أنّ إمام دار الهجرة هو أحد تلاميذه قال الذهبي:=وممن قرأ على هذا الإمام مالكٌ الإمام+( ). ورُوي عن نافع: =أنّه كان يوجد من فيه ريح المسك فسئل عن ذلك، فقال: رأيت رسول الله تفل في فيّ+ ( ).
قرأ عليه خلقٌ كثير منهم: إسماعيل بن جعفر، وورش، وقالون وغيرهم.
وممن روى عنه فاطمة بنت علي بن أبي طالب ــ " ـ وزيد بن أسلم وأبو الزناد، ونافع مولى ابن عمر، والأعرج، وصفوان بن سليم وربيعة، وغيرهم( ).
قال ابن معين: ثقة ، وقالأبوحاتم: صدوق، وقال النسائي: ليس به بأس، قال الذهبي: ينبغي أن يعدّ حديثه حسنا( ).
وقد كانت وفاته ــ رحمه الله تعالى ــ سنة تسع وستين ومائة( )بعد عمر حافل بالإقراء، والتعليم، والعبادة والطاعة.
ب ــ الإمام قالــون:
هو الرّاوي الأول للإمـام نافــــع ــ ودراسة أصول روايته عنه هي موضوع كتابنا ــ واسمُه: عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى الزرقي مولى الزهريين أبو موسى المدني، النّحوي و قالـون لقب معناه جيّـد بلغة الرُّوم لقّبه به شيخه نافع ، لأن قالون أصله من الرُّوم( ).
أمّا مولده فكان سنة عشرين ومائة، في أيام هشام بن عبد الملك، وكان قالون أصمّ لا يسمع البوق، وكان إذا قرأ عليه قارئ ألقم أذنه فاه، ليسمع قراءته، وهو مولى الأنصار( ).
قرأ عليه خلق كثير منهم ، ابنه أحمد، وأحمد بن يزيد الحلواني، وأبو نشيط محمد بن هارون، وأحمد بن صالح المصري الحافظ، وقد اختص به نافع كثيرا، وهو الذي سمّاه قالون لجودة قراءته، وكان أصمّ ــ كما مرّ ــ يقرأُ عليه القرآن، فيفهم الخطأ واللحن بالشفة ، فلو رفعت صوتك حتى لا غاية لم يسمع، وكان يقرأ عليه القرآن، فكان ينظر إلى شفتي القارئ، فيرد عليه اللحن والخطأ.
وذكر ابن الجزري عن قالون، قال: قال لي نافع: كم تقرأ عليّ؟!! اجلس إلى اصطوانة حتى أرسل إليك من يقرأ، وقد سئل: كم قرأت على نافع؟ قال: ما لا أحصيه كثرة، إلا أني جالسته بعد الفراغ عشرين سنة، ويقال: إنه كان ربيب نافع.
روى الحديث عن شيخه نافـع،وعن محمد بن جعفر بن أبي كثيروعبد الرحمن بن أبي الزنــاد وغيرهــم.
كما روى عنه أبو زرعة الرّازي، وإبراهيم ابن ديزيل، وإسماعيل القاضي،وجماعة.
هذا..وقد كانت وفاة هذا العلم سنة عشرين ومائتين، على الصّحيح قال الذهبي: وغلط من قال توفي سنة خمس ومائتين غلطاً بيّناً( ).[/size]